بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة المؤمنون..
الأخوات المؤمنات..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مع إطلالة ذكرى ميلاد الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام، وذلك في اليوم الحادي عشر من شهر ذي القعدة، نتقدم إليكم بالتهاني والتبريكات، سائلين الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لمعرفة أئمة الهدى عليهم السلام حق المعرفة، والتمسك بنهج رسول الله وأهل بيته الأطهار عليه وعليهم جميعا أفضل الصلاة والسلام، والتسليم لأمرهم في امور ديننا ودنيانا، وأن لا يحرمنا شفاعتهم، وأن يحشرنا معهم في الآخرة، إنه ولي التوفيق.
وبهذه المناسبة السعيدة نبعث إليكم المقالة المرفقة لسماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي حفظه الله حول الاخلاق الكريمة للإمام عليه السلام، آملين أن يعود عليكم بالنفع والفائدة.
مكتب المرجع الديني
آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي
/ذو القعدة/1432هـ
***
الإمام الرضا والخلق الكريم
لقد فاضت من النفس الكريمة للإمام الرضا عليه السلام أسمى الأخلاق الحسنة التي تحدِّثنا بها كتب التاريخ، أوليس الطِّيْب دليل الزهـرة، والشعاع دليل الضياء؟ وهل الإيمان إلاّ الحبّ، وهل دليل الحبّ غير تلك الأخلاق الحسنـة؟
كان عليه السلام في قمّة التواضع وحسن المعاشرة مع الناس. هكذا ينقل إبراهيم بن العباس، يقول: ما رأيت أبا الحسن الرضا جفا أحداً بكلامه قطّ، وما رأيته قطع على أحد كلامه حتى يفرغ منه، وما ردّ أحداً عن حاجة يقدر عليها، ولا مدّ رجليه بين يدي جليس له قط، ولا اتّكأ بين يدي جليس له قطّ، ولا رأيته شتم أحداً من مواليه ومماليكه قط، ولا رأيته تفل قط، ولا رأيته يقهقه في ضحكه قط، بل كان ضحكه التبسُّم.
وكان إذا خلا ونُصِبَت مائدته أجلس معه على مائدته مماليكه حتى البوّاب والسائس.
وكان عليه السلام قليل النوم بالليل، كثير السهر، يحيي أكثر لياليه بالعبادة من أوّلها إلى الصبح، وكان كثير الصيام فلا يفوته صيام ثلاثة أيّام في الشهر، ويقول: ذلك صوم الدهر.
وكان عليه السلام كثير المعروف والصدقة في السرِّ، وأكثر ذلك يكون منه في الليالي المظلمة، فمن زعم أنه رأى مثله في فضله فلا تصدِّقوه [1].
وكان من تواضعه عليه السلام أنَّه دخل الحمام فقال له بعض الناس: دلِّكني، فجعل يدلِّكه، فإذا بالناس يعرّفون الرجل بالإمام، فجعل الرجل يستعذر منه، ولكنَّ الإمام بدأ يطيّب قلبه ويستمرُّ في تدليكه [2].
ويروي رجل من أهل بلخ رافق الإمام في سفره إلى خراسان أنّ الإمام عليه السلام دعا يوماً بمائدة له، فجمع مواليه من السودان وغيرهم، فقلت:جُعِلتُ فداك، لو عزلتَ لهؤلاء مائدةً، فقال: (مَه، إنَّ الرب تبارك وتعالى واحد، والأم واحدة، والأب واحد، والجزاء بالأعمال) [3].
وكان يكره لغلمانه أن يقوموا له احتراماً عندما يكونون على الطعام ويقول:(إن قمتُ على رؤوسكم وأنتم تأكلون، فلا تقوموا حتى تفرغوا) [4].
وكان سخيّاً كريماً. وكان من آدابه في الصدقات أنَّه إذا جلس للأكل أتى بصفحة فتوضع قرب مائدته، فيعمد إلى أطيب الطعام ممّا يؤتى به فيأخذ من كل شيء شيئاً فيوضع في تلك الصفحة، ثم يأمر بها للمساكين ثم يتلو هذه الآية: (فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ) (البلد:11). ثم يقول: (علــــم الله عز وجل أن ليــــس كل إنسان يقدر على عتق رقبة فجعل لهم السبيل إلى الجنة بإطعام الطعام ) [5].
وفرّق بخراسان ماله كلّه في يوم عرفة، فقال له الفضل بن سهل: إنَّ هذا لمغرم، فقال عليه السلام:
( بل هو المغنم، ولا تعدَّنَّ مغرماً ما ابتعت به أجراً وكرماً ) [6].
وكان إذا أعطى أحداً سعى ألاَّ يذهب بهاؤه ولا يراق ماء وجهه، والقصة التالية تعلِّمنا كيف نجعل صدقاتنا خالصة لوجه الله لا منّة فيها ولا استعلاء.
يروي اليسع بن حمزة ويقول: كنت أنا في مجلس أبي الحسن الرضا عليه السلام أحدِّثه، وقد اجتمع إليه خلق كثير يسألونه عن الحلال والحرام، إذ دخل عليه رجل، فقال له: السلام عليك يا ابن رسول الله، رجل من محبِّيك ومحبِّي أبائك وأجدادك عليهم السلام، مصدري من الحجِّ، وقد افتقدت نفقتي وما معي ما أبلغ به مرحلةً، فان رأيت أن تُنهضني إلى بلدي ولله عليَّ نعمة، فإذا بلغت بلدي تصدَّقت بالذي توليني عنك، فلست موضع صدقة. فقال له: إجلس رحمك الله، وأقبل على الناس يحدِّثهم حتى تفرَّقوا، وبقي هــو وسليمان الجعفري وخيثمة وأنا، فقال: أتأذنون لي في الدخول؟ فقال له: يا سليمان قدَّم الله أمــرك، فقام فدخل الحجرة وبقي ساعة ثم خرج وردَّ الباب، وأخرج يده من أعلى الباب وقال: أين الخراساني؟ فقال: ها أنا ذا فقال: خذ هذه المائتي دينار واستعن بها في مؤونتك ونفقتك وتبرَّك بها ولا تصدّق بها عني، واخرج فلا أراك ولا تراني.
ثم خرج فقال سليمان: جعلت فداك لقد أجزلت ورحمت، فلماذا سترت وجهك عنه؟ فقال: (مخافــــة أن أرى ذلَّ السؤال في وجهه لقضائي حاجته،أما سمعت حديث رسول الله صلى الله عليه وآاله: (المستتر بالحسنة، تعدل سبعين حِجَّة، والمذيع بالسيئة مخذول، والمستتر بها مغفور له).[7].
وقد أعطى أبا نواس ثلاثمائة درهم لم يكن عنده سواها، وقدّم إليه بغلته التي كان يمتطيها، وحينما أعطى دعبل الخزاعي ستمائة دينار اعتذر إليه.
وكان كثير المعروف والصدقة في السرِّ، وأكثر ذلك يكون منه في الليالي المظلمة [8].
للمزيد عن حياة الامام الرضا عليه السلام اليك الرابط التالي لكتاب (الامام الرضا قدوة وأسوة): http://www.almodarresi.com/books/587/index.htm
([1]) بحار الانوار، ج 49، ص 91.
([2]) المصدر، ص 99.
([3]) المصدر، ص 101.
([4]) المصدر، ص 102.
([5]) المصدر، ص 97.
([6]) المصدر، ص 100.
([7]) المصدر، ص 101.
([8]) المصدر،ص 91.
مشتركي تويتر على شبكة الانترنت، للحصول على مسائل شرعية بشكل
يومي يمكنكم متابعة الصفحة التالية:
http://twitter.com/#!/esteftaat
موقع المرجعية على شبكة الانترنت:
http://www.almodarresi.com
ارسلوا اسئلتكم الشرعية على بريد الاستفتاءات التالي:
ALFEQH@almodarresi.com
نتمنى لكم دوام التوفيق
مكتب سماحة المرجع المدرسي
كربلاء المقدسة
الأربعاء سبتمبر 14, 2016 1:46 am من طرف المدير
» العدد السادس اليهود في حركة مايس و الفرهود المفتعل
السبت أغسطس 27, 2016 2:33 pm من طرف المدير
» العدد الخامس اليهود اثناء الحكم الملكي في العراق
الخميس أغسطس 25, 2016 2:14 am من طرف المدير
» العدد الرابع اليهود في ظل الاحتلال الانكليزي على العراق.
الخميس أغسطس 25, 2016 2:12 am من طرف المدير
» العدد الثالث اليهود في ظل السيطرة العثمانية على العراق .
الأربعاء أغسطس 17, 2016 4:31 am من طرف المدير
» الحركة الصهيونية والتهجير الاجباري في العراق
الخميس أغسطس 11, 2016 2:49 am من طرف المدير
» العدد الثاني نبذة مختصرة عن تاريخ يهود العراق القديم
الأربعاء أغسطس 10, 2016 7:21 am من طرف المدير
» تصريح امير قبيلة خفاجة بشأن الموقف من الشخصيات السياسية والعشائرية
الثلاثاء أغسطس 02, 2016 6:21 pm من طرف المدير
» العدد الاول دولة الفكر الصهيوني ومسالة القومية اليهودية
الثلاثاء أغسطس 02, 2016 11:45 am من طرف المدير